الجريمة الإرهابية بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي

الملخص

المقدمـــــة شهدت المجتمعات البشرية قديماً وحديثاً شتى صنوف الجرائم راح ضحيتها الملايين عبر العصور قبل أن توصف تلك الجرائم وتحدد أطراً قانونية لمحاكمة المسؤولين عنها، ولعل أبرز ما ظهر من صور فظيعة ما سُمي بالجرائم الإرهابية. فرضية الدراسة: ومن الثابت أن القانون الداخلي يحاسب على الجرائم الداخلة بين مواطنيه وعلى إقليم الدولة المعنية متخذاً لمبدأ إقليم القوانين وشخصية القانون –أصلاً واستثناءً- معياراً له. غير أن التساؤل الذي يثار هنا عن كيفية المحاسبة الجنائية عند وجود العنصر الأجنبي فيها سواء أكان طرفاً في الجريمة أو كان محلها أو كان السبب المنشئ له؟! فضلاً عن ذلك كيف يتعامل المجتمع الدولي مع هذه الجريمة؟ وهل يظل صامتاً إزاء إراقة الدماء التي أصبحت أنهاراً؟ عجزت عن وصفها الكلمات ونطقت بها الألسن، وإلى أي فرع من فروع القانون المختلفة قد أسندت إليه هذه المهمة للقانون الدولي الجنائي أم للقانون الجنائي الدولي؟!. إشكالية الدراسة: إن إشكالية البحث تتمثل في معالجة موضوع أثار المجتمعات والرأي العام العالمي، كما أصبح مشكلة تواجه الأبرياء جراء هذه الجريمة، ولهذا كان لا بد من البحث والإحاطة بمفهومه. أهمية الدراسة: تمثل هذه الدراسة احد الجهود العلمية لإلقاء الضوء على ما تحقق من جهود في هذا المجال، وعرض جميع الرؤى على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي ، فضلا عن ذلك فإن التأكيد على الجريمة الإرهابية سيشجع جميع الدول والمعنيين على اتخاذ تدابير فعالة من شأنها الحد من هذه الجريمة كونها لا تعترف بالجنسية أو الهوية إذ أن العامل الأساسي لها هو الغاية الإجرامية، والتي تتمثل في إحداث الفزع والرهبة في نفوس اكبر حشد من البشر بصرف النظر عن انتمائهم.  أهداف الدراسة: الوقوف على طبيعة الجريمة الإرهابية، خاصةً إذا ما أخذ بالاعتبار أنها تشكل تهديداً مباشراً لحقوق وحريات الإنسان، من خلال بث الرعب والفزع بين أفراد المجتمع، فضلاً عن الأضرار الاجتماعية والاقتصادية. إيضاح أهم الملابسات التي من الممكن الوقوع فيها للتمييز بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي، وهل تقع هذه الجريمة ضمن أطار القانون الأول أم الثاني؟. منهجية الدراسة: تعد هذه الدراسة من الدراسات القانونية التحليلية المقارنة، تم الاعتماد فيها على منهجين أساسيين هما: المنهج التحليلي، والمنهج المقارن، باعتبارهما من المناهج البحثية المعدة لاستيعاب الجوانب المختلفة لموضوع الدراسة. هيكلية الدراسة: كي نستطيع أن نحقق أقصى درجة من الاستفادة من هذا البحث فقد ارتأيت أن أتناوله من خلال مبحثين، كان الأول منها في تعريف الجريمة الإرهابية؛ وذلك من خلال مطالب ثلاث، الأول حول التعريف اللغوي لها، والثاني كان لتعريف هذه الجريمة من خلال تناولها من قبل التشريعات الوطنية، والثالث كان للمجال الدولي في تناولها.    وبالنظر لأهمية التمييز بين القانون الدولي الجنائي والقانون الجنائي الدولي فقد خصصت المبحث الثاني لإيجاد أبرز النقاط الخلافية بين القانونين كي نستطيع وضع الجريمة الإرهابية في مكانها الصحيح. وأخيراً وليس آخراً: ليس بوسعي أن أزيد عن ذلك وأقول ما قاله القاضي الفرنسي جوانو (Juanueay) : ( لا شيء أكثر استحالة من كتاب كامل ... ولا يمكن للإنسان أن يكون كاملاً، فبعد أن يكون قد قيل كل شيء، يبقى هناك أيضاً ما يقال، وكتابي هذا كأكثر الكتب ملئ بالنواقص، المتوسط منها والرديء أكثر من الجيد وأعرضه عليك صديقي القارئ كما هو، فإن استفدت منه اعتبر ذلك من الحسنات).