آثار عقد الفاكتورينغ ( عقد شراء الديون التجارية )

المؤلفون

  • عبدالباسط عبدالرحيم عباس جامعة ديالى - كلية القانون والعلوم السياسية - العراق

الملخص

عرض الكتاب إذا كان القانون التجاري يعرف على أنه ذلك الجزء من القانون الخاص الذي يحكم الأعمال التجارية ونشاط التجار في ممارسة تجارتهم، وأن قواعده لا تطبق إلا بين  تجار وفي علاقة تجارية، إلا أن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان تؤكد على وجود علاقة بين الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، فهي ترى أنه إذا كان بوسع التجارة أن تكون محركاً للنمو الاقتصادي من أجل مكافحة الفقر وتعزيز التنمية، فمن المحتمل أيضاً أن تمثل تهديداً لحقوق الإنسان في بعض الحالات. ورغم ذلك، فثمة سبل للتوفيق بين قواعد التجارة وحقوق الإنسان وتوجيه النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية نحو تحقيق حياة كريمة للجميع. وفي ذلك يرى مجلس حقوق الإنسان في دورته السابعة عشرة أن مسألة الأعمال التجارية وحقوق الإنسان أضحت بنداً دائماً في جدول أعمال السياسات العالمية، مما يعكس التوسع العالمي المفاجئ للقطاع الخاص، مقروناً بزيادة مماثلة في النشاط الاقتصادي عبر الوطني وضاعفت هذه التطورات الوعي الاجتماعي بأثر الأعمال التجارية على حقوق الإنسان كما استرعت انتباه الأمم المتحدة. وفي خضم بحثناً في هذا الاطار وقع بين أيدينا كتاب تحت عنوان : آثار عقد الفاكتورينغ (عقد شراء الديون التجارية)، لمؤلفه المدرس المساعد مصطفى تركي حومد الجوراني، والمنشور من قبل منشورات الحلبي الحقوقية في بيروت لعام 2017، وبواقع 159 صفحة. والحقيقة التي ينبغي أن تقال أن عنوان الكتاب هو الذي جذبنا إلى قراءته وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على حسن الاختيار من قبل المؤلف، ولما كان من المتعارف عليه أن التاجر لا يحتمل البطء والتأخير في معاملاته التجارية، إذ أنه يحتاج إلى السيولة النقدية لإتمام مشاريعه أو لأداء التزامات في ذمته، وتعد مسألة الديون التجارية من أهم وأخطر المسائل التي تعترض التجار والمؤسسات والشركات التجارية، لاسيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة الحجم، والتخوف من خطر تصفيتها أو اعلان افلاسها، الأمر الذي ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني. ولما كانت المعاملات التجارية تتسم بالمرونة والتجدد، لكي تواكب التطورات التي تفرضها الحاجة الاقتصادية، مما يؤدي ذلك إلى ظهور معاملات تجارية تتلائم والحاجة التجارية وما عقد الفاكتورينغ إلا نتاجاً لهذه التطورات من الناحيتين التجارية والقانونية، فهو اتفاق بين مؤسسة مالية (معروفة بمؤسسة أو شركة الفاكتورينغ) مع عميلها، يقدم بموجبه هذا الاخير للشركة كافة الفواتير والسندات المالية التي يملكها ويحق لها اختيار الفواتير والسندات التي ترى امكانية استيفائها، مقابل تعجيل قيمتها للعميل وتتحمل المؤسسة أو لشركة مخاطر عدم وفاء المدين للدين دون أن يكون باستطاعتها الرجوع إلى عميلها ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك صراحة أو في الحالات المتفق عليها والمحددة في العقد. ولكون المشرع العراقي والتشريعات العربية الاخرى لم تنظم هذا العقد بنصوص قانونية خاصة، فجاءت هذه الدراسة لتقدم أفكاراً وتوصيات إلى المشرع ليصار إلى إدراجها في نصوص قانونية تنظم أحكام عقد شراء الديون والآثار المترتبة عليه. فأنطلق المؤلف من إشكالية دراسته التي تمثلت في بيان الآثار القانونية المترتبة على أطراف عقد الفاكتورينغ وذلك من خلال معرفة الضمانات المستوحاة من هذا العقد بالنسبة لأطرافه، وفقاً للنصوص القانونية والقواعد العامة، وآثاره أيضاً بالنسبة للمدين على الرغم من كونه الغير بالنسبة للعقد، وبيان إمكانية تطبيق بعض الأنظمة القانونية المقاربة لعقد الفاكتورينغ كنظام حوالة الحق والحلول الاتفاقي، وعقد الوكالة وعقد خصم الأوراق التجارية وغيرها من العمليات القانونية المشابهة لنظام عقد الفاكتورينغ. مستعيناً بالمنهج التحليلي والوصفي والمقارن، وموزعاً المعلومات التي جمعها عن موضوع دراسته في أربعة فصول : خصص الأول لخلفية الدراسة واهميتها، وحدد في الثاني ماهية عقد الفاكتورينغ، وأوضح آثار العقد بالنسبة للدائن (العميل)، وبالنسبة لمؤسسة الفاكتورنيغ في الثالث والرابع. وقد خلصت هذه الدراسة إلى جملة من النتائج والتوصيات يأتي في طليعتها، دعوة المشرع العراقي إلى وضع نظام قانوني خاص بعقد الفاكتورينغ، لما له من آثار مباشرة على الاقتصاد الوطني، لكونه وسيلة من وسائل تمويل المشاريع الاستثمارية ومساهماً في تأمين فرص عمل إضافية من خلال إنشاء مؤسسات مختصة تستوعب الأشخاص ذوي الاختصاص. كما حث المشرع العراقي على سرعة الانضمام إلى اتفاقية (أوتاوا)، التي وضعت النظرية العامة لنظام الفاكتورينغ لأجل تمكين المشرع من صياغة هيكلية لهذا النظام تواكب التطورات الحقيقية في القانون التجاري من خلال إبراز نصوص قانونية تتواءم والمعاهدة المذكورة، والذي يؤدي بدوره إلى تطمين رأس المال الاجنبي الراغب بالاستثمار في العراق. وختاماً، فأن الوضوح والتنظيم المنطقي في العرض ودقة التحليل والتعمق في الجزئيات وحسن توظيف المعلومة، هو بعض ما يمتاز به هذا الكتاب، وهو بلا شك يقدم عملاً قيماً للقراء والباحثين في مجالات شتى ومنهم المختصين في حقوق الإنسان للصلة الوثيقة بين ما تم طرحه وانعكاسات ذلك كأثر مباشر أو غير مباشر على المستوى المعيشي الكريم واللائق للأشخاص،  ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نستذكر مقولة عباس العقاد "إقرأ كتاباً جيداً ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جيدة".

التنزيلات

منشور

2017-06-15

إصدار

القسم

عرض الكتب العلمية